صرخات أنثى ايه محمد رفعت
القرف اللي إنت بقيت عايش فيه ده.
رفع رماديته الشبيهة لاخيه إليه ليرى دمعته المستكانة داخله وكأنه يخبره شيئا تفهمه علي وقال
_أنا مش هفرض عليك تعيش معاها زي فريدة هانم بس أنا مش عايزك تظلمها معاك لو مبتحبهاش طلقها وسبها تعيش حياتها مع شخص تاني يديها اللي إنت مقدرتش تدهولها.
أجابه بحزن
وتابع وهو يتجه للشجرة القريبة منه يتكأ عليها بتعب يضربه نفسيا فالتقط نفسا ثقيلا واستدار يخبر أخيه
_لما أنت كنت في مصر أنا أصريت أطلقها عشان أنهي العڈاب اللي معيشها فيه ده بس ماما عاقبتني وأخدت مني الكريدت كارت وسحبت مني العربية وكل حاجه بمتلكها.
_مكنش في قدامي حل تاني بضغط على مايسان بكل قوتي عشان هي اللي تقف قدامها وتطلب الطلاق.
ضحك ساخرا وهو يشير له باستحقار
_قصدك بتهنها وبتدوس على كرامتها كرامة مراتك اللي هي المفروض كرامتك.
حاول تبرير ما يفعله حينما قال
_عايزني أعمل أيه يعني!
صاح بعصبية بالغة
واسترسل وهو يمنحه نظرة أخيرة
_إنت ماشي في طريق كلها معاصي بداية من الخمړة للبنت اللي انت ماشي معاها.. صدقني يا عمران إنت مش أد ڠضب ربنا عليك.
خرجت مايسان تنتظره جوار سيارته والدموع مازالت تختم على وجهها لا تعلم لماذا تحمل الحب له بالرغم من الكراهية الواضحة بعينيه لها مازالت تفتقده.. تفتقد تلك الليالي التي كانت تقضيها بانتظار هبوطه لمصر برفقة والدته كل عام كيف كان يبتسم فور رؤيتها ويقضي أغلب الأوقات برفقتها كان لا يفترق عنها أبدا تاركا الجميع يظنون بأن بينهما قصة حب عظيمة نهايتها الزواج المتوقع وحينما حدث ذلك تفاجئت بوجود تلك الفتاة بحياته وكأنه شخصا أخر غير ذاك الذي كانت تلتقي به كل عام ترسخ داخلها بأنه كان يستغلها بالفترة التي يقضيها بمصر ولكنه لم يسبق له بأن تعدى عليها مرة كان يعاملها برفق وحب ينبع داخل عينيه أزاحت دمعاتها حينما وجدت علي يدنو منها ليشير لها
رفضت الانصياع إليه مرددة بتصميم
_أنا جيت مع جوزي وهرجع معاه .
أغلق باب سيارته وعاد يقف قبالتها قائلا بعدم تصديق
_بعد اللي عمله جوه ولسه عايزة تركبي معاه!
تدفقت دمعاتها على وجنتها فابعدتها عنها وهي تخبره بصوت منكسر
_أحسن ما أسيبه يروحلها.
_غبي ومش مقدر الجوهرة اللي معاه.
ورفع من صوته يخبرها وهو يعتلي سيارته
_لو حصل حاجة كلميني.
اكتفت بهزة بسيطة من رأسها وتوجهت لتقف جوار سيارة عمران حتى خرج فوجدها تنتظره وضع يده بجيب بنطاله وتساءل بضيق
_مركبتيش مع علي ليه
ردت عليه بثبات قاټل
_أنا مجتش معاه عشان أرجع معاه!
سحب نفسا مرهقا وأشار لها بالصعود باستسلام تحركت بآلية تامة لتجلس جواره فخيم السكون عليهما طوال الطريق تكبت هي بكائها بحرافية اعتادت عليها ويفكر هو بحديث أخيه حتى توقف بها أمام المنزل انتظرته يهبط ولكنه بقى بمقعده فعلمت بأنه يوصلها وسيغادر على الفور لم تتمكن مايسان اخفاء دمعاتها طويلا فتحركت يدها المرتشعة تقبض على معصمه المتعلق بالقيادة انتبه لها عمران فلف وجهه إليها فاندهش حينما وجدها تتطلع له بعينان باكيتان وصوته الشاحب يردد
_بلاش تروحلها يا عمران بلاش تكسرني بالشكل ده كل يوم أنا لسه عندي أمل إنك هتسيب كل ده وترجعلي.
تألم قلبه القافز بين ضلوعه لا ينكر بأنه كان يكن لها حبا في وقت مضى من حياته ولكن فور ظهور ألكس بحياته منذ ثلاث سنوات وهو لا يرى سواها وكأن مايسان لم تزور قلبه في يوم مضى طال صمته ووصلت لها إجابته فسحبت يدها عنه وخرجت من السيارة على الفور.
انهال عمران بجسده للامام وهو يواجه كل ما يعتريه من ألم مبالغ به سئم من حياته ومما يواجهه بمفرده فحسم أموره بإنهاء عڈابه وخوفه الشديد من الله عز وجل حرك المفتاح ليقود سيارته من جديد متوجها للفندق تاركها تراقبه من الشرفة باڼهيار تام جعلها تجلس أرضا متعلقة بالستائر التي تكبت بها صراخاتها.. صرخات أنثى تعافر لاسترداد حبيب طفولتها الغائب خلف فترة مراهقة لا تود تركه أبدا.
صعود مايسان لغرفتها ومغادرة عمران زرع الشكوك داخلها فصعدت لغرفة ابنها تطرق بابه وحينما استمعت لآذنه ولجت للداخل فوجدته يبدل ملابسه منحته فريدة نظرة متفحصة قبل أن تتساءل بحدة
_إنت راجع تاني المستشفى يا علي
منحها ابتسامة جذابة ودنى منها يطبع قبلة على جبينها ويدها مرددا بحب
_مساء الجمال كله على أجمل قمر بالكون كله.
كعادته ينجح بنثر السعادة على وجهها ابتسمت وهي تردد بنفاذ صبر
_دكتور علي البكاش إنت لحقت تقعد معايا عشان تلبس وترجع تاني.
اتجه لخزانته يجذب حذاءه الأسود فجلس على حاملة الأحذية يرتديه وهو يجيبها
_هعمل أيه بس يا فريدة هانم لازم أرجع عشان عندي كام كشف مهم النهاردة مقدرش أعتذر للأسف بس وعدي مازال مستمر هرجع بدري.
هزت رأسها وهي تشير له
_عفارم عليك.
اخفى بسمته على كلمتها المعتادة التابعة لعهد مضى ومع ذلك تمعن بنظرته المحبة لها شعرها القصير المرتب حول وجهها فستانها الآنيق وحذائها ذو الكعب العالي الذي إعتاد رؤيتها ترتديه أينما كانت حتى ولو بالمنزل عينيها العسلية المزينة بالكحل الأسود وبشرتها البيضاء الصافية.
أحيانا يشعر وكأنها شقيقتها الكبرى وليست والدته بالمرة مازال حتى تلك اللحظة يتقدم إليه عدد من الرجال لخطبتها فضحك رغما عنه حينما تذكر كيف كانت تغضب وتثور وخاصة حينما كان يخبرها علي بأنه ليس معترضا آن أردت الارتباط.
كعادتها تعيد عليه حساباتها الدقيقة حول تضحيتها بالزواج في سن مبكر وبالأخص بعد ۏفاة والده كانت حينها تبلغ الثلاثون من عمرها.
أفاق من شروده على صوتها المنادي
_روحت فين يا علي!
تنحنح بحرج
_مع حضرتك.
عادت تكرر ما قالته مجددا
_سألتك اللي إسمها ألكس حضرت الحفلة
سحب عينيه عنها بارتباك وادعى انشغاله بتصفيف شعره مرددا
_مخدتش بالي.
احمرت عينيها فنهضت عن الفراش وتوجهت للخروج قائلة
_ردك وصلني.
انتهى الحفل أخيرا وانتهى دورها المثالي بالوقوف مع خطيبها المزعوم بحفل هام هكذا انتهت شمس من تناول طعامها فجذبت منديلا ورقيا تجفف فمها قائلة بضجر
_راكان أنا كده أتاخرت خلينا نمشي بقى.
ابتلع ما بفمه قائلا وهو يلتقط مناديلا ورقيا
_أوكي يا بيبي هنتحرك حالا.
انطلق رنين هاتفه الذي لا يكف عنه فأشار لها بحرج حينما وجدها تتأفف بغيظ
_معلشي ثواني وراجعالك.
وتركها تجلس على الأريكة التابعة لمكتبه السفلي وابتعد يجيب على هاتفه ابعدت شمس الطاولة القصيرة عنها ونهضت تتمشى بالخارج بضيق شديد فتحت الباب الزجاجي بالطابق الأرضي ووقفت تتنفس الهواء المنعش ببسمة ساحرة فتحت عينيها على مهل لتتفاجئ بالحارس الشخصي يقف على بعد منها لاح على وجهها بسمة صغيرة فخطفت نظرة سريعة على راكان الذي مازال يتابع حديثه الذي لا ينتهيثم تسللت للخارج بعدما خلعت حذائها حتى لا يستمع راكان لصوت خطواتها.
خطت على أطراف أصابعها حتى وصلت للحديقة الخلفية للشركة حيث كان يقف آدهم منشغلا بتأمل هاتفه ليفيق على صوت صفير منخفض وصوت انوثي رقيق
_كابتن.
رفع عينيه إليها فتفاجئ بها ابتسم آدهم وهو يرد بتهذب
_شمس هانم.
رفعت طرف فستانها وتسللت بعيدا عن المياه الرطبة المحاطة للأرض الخضراء حتى وقفت جواره رمش بدهشة وهو يراقب قدميها دون حذاء ولكنه لم يعلق وعاد يراقب ما ستقول.
اتسعت ابتسامتها وهى تربع يدها أمامه وعلى ما يبدو تشتتها وحيرتها بما ستفوه فقالت بعد صمت
_أنا كنت عايزة أشكرك أنك مقولتش لراكان حاجة وأكد عليك من تاني أنك مسبقش إنك شوفتني فوق.
تطلع لها بغموض ومازال يقف بثبات يزيد من جموده ظنته سيتحدث بالأمر فقالت برجاء
_بليز مش تقول لراكان حاجة لحسن ممكن يقول لفريدة هانم وهتبهدلني.
اخفى بسمته وردد باتزان قاټل
_أنا بعتذر بس مش فاهم تقصدي أيه دي أول مرة أقابل حضرتك وش لوش يا شمس هانم.
بدت كالبلهاء تحاول فهم ما يقوله فانفرجت شفتيها بضحكة واسعة ولفت اصبعها
_آيوه آيوه فهمتك إنت بتمثل من دلوقتي.
ضحك بصوته الرجولي وهو يهز رأسه
_بالظبط كده.
رفعت إبهامها له
_براڤو استمر على كده.
اتجهت لتغادر ومن ثم استدارت لتخبره
_شكل كده هيكون بينا أسرار كتير يا آآ.. آآ..
انقطعت كلمتها حينما تهاوت قدميها بالمياه الرطبة فكادت بالسقوط أرضا وكان ذراعه الصلب الأسرع لمساندة خصرها المرن تعلقت شمس تلقائيا برقبته في نفس لحظة استكماله لجملتها
_آدهم إسمي آدهم.
قالها وعينيه هائمة بعينيها وجهها الملائكي اختطفه وكأنها تملك تعويذة سحرية تشده بها رفرفرت بجفنيها وهي تتأمل عينيه عن قرب ذاك الغريب الذي اختطفها منذ أول نظرة وأول لقاء انتبه آدهم لراكان الذي يتقدم منهما فاستقام بوقفته جذبها لتقف أمامه وتراجع خطوتين للخلف واضعا يده خلف خصره المستقيم
لعقت شمس شفتيها وهي تحاول تهدئة أنفاسها اللاهثة وما زاد ريبتها وجود راكان الذي تساءل
_في أيه
أجابه آدهم وعينيه الثاقبة تحيطه
_شمس هانم كانت بتتمشى بالحديقة واتكعبلت في طرف الفستان وكانت هتقع.
ابتسم راكان وربت على كتفه بفخر
_إنت مش بس منقذي المخلص يا آدهم شكل هتكون المنقذ الرسمي لافراد عيلتي كلها.
طعنه آدهم بنظرة غامضة يخفي من خلفها دوافعه الحقيقية ومع ذلك اختطف بسمة ثابتة وهز رأسه بخفة.
اخبره راكان
_اتصل بالسواق يجيب العربية عشان نوصل شمس هانم.
رفع آدهم هاتفه ليردد باقتضاب لمن يجيبه
_هات العربية قدام الشركة يا حامد.
استدار راكان تجاهها فشملتها نظراته فردد بدهشة
_شمس فين الشوذ بتاعك!
حكت جبينها بتوتر فاحنى آدهم رأسه ضاحكا خشية من أن يرأه أحد بينما تلعثمت بردها
_آآ.. أنا بس كنت حابة أجرب النجيلة عندكم في الشركة ناعمة ولا خشنة.
برق راكان بدهشة فتمادت بثقتها بالحديث
_دي نقاط مهمة متخدش بالك إنت منها الستات دقيقة جدا.
أحمر وجه آدهم من فرط كبته للضحك بينما رفع راكان يده لصدره ليشير لها
_اسندي لما نوصل للشوذ بتاعك عشان نخرج.
وما أن طوفت ذراعه حتى تحرر رنين هاتفه للمرة الألف راقب راكان الشاشة فابتعد وهو يشير للخلف
_آدهم.
اقترب منه ليجده يهمس له
_ساعد شمس هانم معايا مكالمة مهمة.
احتل آدهم مكانه فاحنى يده لصدره ارتبكت شمس وهي تستند بيدها على ذراعه ثم تحمل طرف فستانها باليد الاخرى لتتفادى الحشائش المبتلة تلون وجهها بخجل وقلبها ينبض تأثرا لقرب ذاك الغريب منها انتهت مسافتها القصيرة حينما وصلت للحاجز الرخامي فحملت طرف فستانها وصعدت عليه تركها آدهم وكاد بالتراجع لتوقفه كلماتها
_شكرا يا كابتن